شاهد: استعراض الجيش الملكي في حَضْرة المَلك الحسن الثاني بالقنيطرة نوفمبر 1979
مرَّ الجيش المغربي منذ تأسيس الدولة المغربية بمراحل متنوعة، ورغم أنه استطاع في بعض مراحل تطور الدولة المغربية أن يسجِّل حضورًا قويًّا وفاعلًا، فإن ذلك لم يكن إلا استثناء من القاعدة. ذلك أن الجيش المغربي كان على الدوام طرفًا ثانويًّا وصغيرًا في الحياة السياسية المغربية. وقد تعمق هذا الضعف في العصر الحديث إذ قلَّت مساهمته في بلورة السياسات العامة للبلاد، واقتصر دوره على التنفيذ الحرفي لسياسة الملك في مجال الدفاع والأمن.
ويعد الجيش في المغرب جيشًا غير مسيس، ومع أن هذه الخاصية توجد في أغلب الأنظمة السياسية، لكنها تأخذ في المغرب صفة مميزة؛ ذلك أن الجيش في المغرب يوجد «فوق» أو بالأحرى «خارج» السياسة. ورغم تقلد بعض الجنرالات مناصب وزارية إلى حدود 1972، إلا أنهم لم يكونوا يمثِّلون قوة سياسية معينة في البلد، بل قبلوا هذا التكليف كجزء من خدمة الملك، وهذا كله أدى إلى عدم ظهور طبقة عسكرية في المغرب كما هو الشأن في سوريا ومصر والعراق والجزائر مثلًا، وترجع هذه الظاهرة بشكل كبير إلى طريقة تعيين الضباط وقوات الجيش والتي تخضع لانتقاء صارم ودقيق.
ويمتاز الجيش في النظام السياسي المغربي عن نظرائه في دول الجنوب بطابع خاص نظرًا للظروف التاريخية التي صاحبت نشأته وتطوره من جهة، ولخصوصية النظام السياسي المغربي من جهة ثانية، ولنوعية الوظائف المسندة إليه من جهة ثالثة.
ورغم توسيع مهام الجيش المغربي لتشمل بعض القضايا الأمنية الطارئة مثل الجماعات المسلحة العابرة للحدود، فإن وظائفه الأساسية تتمثل في الثلاثي الآتي: حماية الملَكية، والدفاع عن قضية الصحراء، وتأمين البلاد من مخاطر "الجوار المعادي".
تسعى هذه الورقة إلى رصد تطور الجيش المغربي، وإبراز أهم خصائصه التي تميزه عن باقي الجيوش في دول الجنوب، ثم رصد مظاهر الاستمرار والتغير في مركزه الحالي في النظام السياسي المغربي في ظل حكم الملك محمد السادس.
ليست هناك تعليقات